الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية
.(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَمَلِ بِغَالِبِ الرَّأْيِ): إنْ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى غَيْرِهِ لَيْلًا وَهُوَ شَاهِرٌ سَيْفَهُ أَوْ مَادٌّ رُمْحَهُ يَشُدُّ نَحْوَهُ وَلَا يَدْرِي صَاحِبُ الْمَنْزِلِ أَنَّهُ لِصٌّ أَوْ هَارِبٌ مِنْ اللُّصُوصِ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِرَأْيِهِ، فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ لِصٌّ قَصَدَهُ لِيَأْخُذَ مَالَهُ وَيَقْتُلَهُ إنْ مَنَعَهُ، وَخَافَ أَنَّهُ إنْ زَجَرَهُ أَوْ صَاحَ بِهِ أَنْ يُبَادِرَهُ بِالضَّرْبِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشُدَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَيْتِ بِالسَّيْفِ لِيَقْتُلَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ هَارِبٌ مِنْ اللُّصُوصِ لَمْ يَسَعْ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ عَلَيْهِ وَلَا يَقْتُلَهُ، وَإِنَّمَا يَتَوَصَّلُ إلَى أَكْبَرِ رَأْيِهِ فِي حَقِّ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُحَكِّمَ زِيَّهُ وَهَيْئَتَهُ، أَوْ كَانَ قَدْ عَرَفَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْجُلُوسِ مَعَ أَهْلِ الْخَيْرِ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ هَارِبٌ مِنْ اللُّصُوصِ، وَإِنْ عَرَفَهُ بِالْجُلُوسِ مَعَ السُّرَّاقِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ سَارِقٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. قَالُوا فِيمَا إذَا اسْتَقْبَلَ الْمُسْلِمِينَ جَمَاعَةٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَأَشْكَلَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَالُهُمْ أَنَّهُمْ أَعْدَاءٌ أَوْ مُسْلِمُونَ فَإِنَّهُمْ يَتَحَرَّوْنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَسُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِهِ أَيَحِلُّ لَهُ قَتْلُهُ؟. قَالَ: إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْزَجِرُ عَنْ الزِّنَا بِالصِّيَاحِ أَوْ بِالضَّرْبِ بِمَا دُونَ السِّلَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتُلُهُ، وَلَا يُقَاتِلُ مَعَهُ بِالسِّلَاحِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ إلَّا بِالْقَتْلِ وَالْمُقَاتِلَةِ مَعَهُ بِالسِّلَاحِ حَلَّ لَهُ الْقَتْلُ، كَذَا فِي فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا وَجَدَ الرَّجُلُ مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ رَجُلًا يُرِيدُ أَنْ يَغْلِبَهَا عَلَى نَفْسِهَا فَيَزْنِيَ بِهَا قَالَ: لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ، فَإِنْ رَآهُ مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ مَعَ مَحْرَمٍ لَهُ وَهِيَ تُطَاوِعُهُ عَلَى ذَلِكَ قَتَلَ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ إذَا عَرَضَ الرَّجُلُ فِي الصَّحْرَاءِ يُرِيدُ أَخْذَ مَالَهُ إنْ كَانَ مَالُهُ عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُ قَتْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ يُقَاتِلُهُ وَلَا يَقْتُلُهُ، وَلَوْ رَأَى رَجُلًا يَزْنِي مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ امْرَأَةِ آخَرَ وَهُوَ مُحْصَنٌ فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يَذْهَبْ وَلَمْ يَمْتَنِعْ عَنْ الزِّنَا حَلَّ لَهُ قَتْلُهُ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَكَذَا رَجُلٌ رَأَى مَنْ يَسْرِقُ مَالَهُ فَصَاحَ بِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ أَوْ رَأَى رَجُلًا يَنْقُبُ حَائِطَهُ أَوْ حَائِطَ آخَرَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالسَّرِقَةِ فَصَاحَ بِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ حَلَّ قَتْلُهُ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُكْرِهَ غُلَامًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى فَاحِشَةٍ عَلَيْهِمَا أَنْ يُقَاتِلَا، فَإِنْ قَتَلَهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ مَنْعَهُ إلَّا بِالْقَتْلِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَمْ يَرَهَا فَأَدْخَلَهَا عَلَيْهِ إنْسَانٌ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَسِعَهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ وَيَطَأَهَا إذَا كَانَ ثِقَةً عِنْدَهُ أَوْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّجُلِ رَأَى رَجُلًا يَقْتُلُ أَبَاهُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ): وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَ الِابْنِ عَدْلَانِ بِالْقَتْلِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْقَاتِلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَلَا لِلْآخِرِ أَنْ يُعِينَهُ إلَّا إذَا قَضَى بِهِ الْقَاضِي، وَإِذَا قَضَى ثُمَّ شَهِدَ بِهِ عَدْلَانِ أَنَّ أَبَاهُ قَتَلَ وَلِيَّهُ عَمْدًا أَوْ كَانَ مُرْتَدًّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ بِقَتْلِهِ فِي الدِّيَانَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مَالٌ فِي يَدِ رَجُلٍ شَهِدَ عَدْلَانِ عِنْدَ رَجُلٍ أَنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ لِأَبِيكَ غَصَبَهُ هَذَا الرَّجُلُ مِنْهُ، وَلَا وَارِثَ لِلْأَبِ غَيْرُهُ فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِشَهَادَتِهِمْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْمَالَ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ الْقَاضِي وَيَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَا يَسَعُ لِغَيْرِ الْوَارِثِ أَنْ يُعِينَ الْوَارِثَ عَلَى أَخْذِهِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا الْقَضَاءُ، وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ عَايَنَ أَخْذَهُ مِنْ أَبِيهِ وَسِعَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ الْآخِذُ عِنْدَهُ بِالْأَخْذِ، وَكَذَلِكَ يَسَعُ مَنْ عَايَنَ ذَلِكَ إعَانَتُهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ إذَا امْتَنَعَ وَهُوَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى سُلْطَانٍ يَأْخُذُ لَهُ حَقَّهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِإِقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ مِنْ أَبِيهِ لَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى يُثْبِتَهُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَمَنْ سَمِعَ إقْرَارَ رَجُلٍ بِمَالٍ ثُمَّ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ صَارَ هِبَةً لَهُ، فَإِنْ شَاءَ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْمَالِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَشْهَدْ، وَلَوْ كَانَ شَاهِدًا بِالنِّكَاحِ أَوْ الرِّقِّ ثُمَّ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ لَمْ يَشْهَدْ بِالنِّكَاحِ وَالرِّقِّ، وَكَذَا الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ، وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا عَلِمَ عَلَى مُورِثِهِ دَيْنًا لِرَجُلٍ فَأَخْبَرَهُ عَدْلَانِ بِالْقَضَاءِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْعِلْمِ، وَكَذَا إذَا كَانَ أَخْبَرَهُ الْمَيِّتُ بِالْقَضَاءِ أَوْ أَخْبَرَهُ مَعَ عَدْلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَحْلِفَ ثَمَّةَ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيحِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ): وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ مُسْلِمٍ ثَوْبًا أَوْ بِسَاطًا صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَائِعُهُ شَارِبَ خَمْرٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ يَجْتَنِبُ النَّجَاسَةَ، وَلَوْ صَلَّى فِي إزَارِ الْمَجُوسِيِّ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ حِذَاءَ الْبَالُوعَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ بِقُرْبِهِ، قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي بَيْتٍ فِيهِ بَالُوعَةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- فِي رَأْسِ الصُّورَةِ بِلَا جُثَّةٍ هَلْ يُكْرَهُ اتِّخَاذُهُ وَالصَّلَاةُ عِنْدَهُ؟. اتِّخَاذُ الصُّوَرِ فِي الْبُيُوتِ وَالثِّيَابِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الصَّلَاةِ عَلَى نَوْعَيْنِ نَوْعٍ يَرْجِعُ إلَى تَعْظِيمِهَا فَيُكْرَهُ وَنَوْعٍ يَرْجِعُ إلَى تَحْقِيرِهَا فَلَا يُكْرَهُ، وَعَنْ هَذَا قُلْنَا إذَا كَانَتْ الصُّورَةُ عَلَى الْبِسَاطِ مَفْرُوشًا لَا يُكْرَهُ، وَإِذَا كَانَ الْبِسَاطُ مَنْصُوبًا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْكَلَامُ مِنْهُ مَا يُوجِبُ أَجْرًا كَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ وَعِلْمِ الْفِقْهِ، وَقَدْ يَأْثَمُ بِهِ إذَا فَعَلَهُ فِي مَجْلِسِ الْفِسْقِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِهْزَاءِ وَالْمُخَالَفَةِ لِمُوجِبِهِ، وَإِنْ سَبَّحَ فِيهِ لِلِاعْتِبَارِ وَالْإِنْكَارِ وَلِيَشْتَغِلُوا عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ الْفِسْقِ فَحَسَنٌ، وَكَذَا مَنْ سَبَّحَ فِي السُّوقِ بِنِيَّةِ أَنَّ النَّاسَ غَافِلُونَ مُشْتَغِلُونَ بِأُمُورِ الدُّنْيَا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِالتَّسْبِيحِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ تَسْبِيحِهِ وَحْدَهُ فِي غَيْرِ السُّوقِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. مَنْ جَاءَ إلَى تَاجِرٍ يَشْتَرِي مِنْهُ ثَوْبًا فَلَمَّا فَتَحَ التَّاجِرُ الثَّوْبَ سَبَّحَ اللَّهَ تَعَالَى وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِهِ إعْلَامَ الْمُشْتَرِي جَوْدَةَ ثَوْبِهِ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ شَرِبَ الْخَمْرَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَوْ أَكَلَ شَيْئًا غَصَبَهُ مِنْ إنْسَانٍ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حَارِسٌ يَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَوْ يَقُولُ: صَلَّى اللَّه عَلَى مُحَمَّد يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ لِذَلِكَ ثَمَنًا، بِخِلَافِ الْعَالِمِ إذَا قَالَ: فِي الْمَجْلِسِ صَلَّوْا عَلَى النَّبِيِّ، أَوْ الْغَازِي يَقُولُ: كَبِّرُوا حَيْثُ يُثَابُ، كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَإِنْ سَبَّحَ الْفُقَّاعِيُّ أَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ فَتْحِ فُقَّاعِهِ عَلَى قَصْدِ تَرْوِيجِهِ وَتَحْسِينِهِ، أَوْ الْقَصَّاصُ إذَا قَصَدَ بِهَا. (كومئ هنكامه) أَثِمَ، وَعَنْ هَذَا يُمْنَعُ إذَا قَدِمَ وَاحِدٌ مِنْ الْعُظَمَاءِ إلَى مَجْلِسٍ فَسَبَّحَ أَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ إعْلَامًا بِقُدُومِهِ حَتَّى يَنْفَرِجَ لَهُ النَّاسُ أَوْ يَقُومُوا لَهُ يَأْثَمُ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. قَاضٍ عِنْدَهُ جَمْعٌ عَظِيمٌ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ جُمْلَةً لَا بَأْسَ بِهِ، وَالْإِخْفَاءُ أَفْضَلُ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى- وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ يُخْفُونَ، وَالْإِخْفَاءُ أَفْضَلُ عِنْدَ الْفَزَعِ فِي السَّفِينَةِ أَوْ مُلَاعَبَتِهِمْ بِالسُّيُوفِ، وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ بِلَا تَعْظِيمٍ بِلَا إرْدَافِ وَصْفٍ صَالِحٍ لِلتَّعْظِيمِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. رَجُلٌ سَمِعَ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى- يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَظِّمَهُ وَيَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَوْ سَمِعَ اسْمَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَإِنْ سَمِعَ مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا مَرَّةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ عِنْدَ كُلِّ سَمَاعٍ، وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ، كَذَا فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ. لَوْ سَمِعَ اسْمَ اللَّهِ مِرَارًا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَظِّمَ وَيَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَبَارَكَ اللَّهُ عِنْدَ كُلِّ سَمَاعٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. إنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ عِنْدَ سَمَاعِ اسْمِهِ تَبْقَى الصَّلَاةُ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي الذِّمَّةِ، بِخِلَافِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ كُلَّ وَقْتٍ مَحَلٌّ لِلْأَدَاءِ فَلَا يَكُونُ مَحَلُّ الْقَضَاءِ وَالسَّلَامُ يُجْزِي عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَصْحَابِهِ وَحْدَهُ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فُلَانٍ، وَلَوْ جَمَعَ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَجِبُ الرِّضْوَانُ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ سَمِعَ اسْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ يَقْرَأُ لَا يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْقُرْآنِ فَحَسَنٌ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَلَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَمَرَّ عَلَى اسْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ فَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى تَأْلِيفِهِ وَنَظْمِهِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَإِنْ فَرَغَ فَفَعَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَسُئِلَ الْبَقَّالِيُّ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَهِيَ أَفْضَلُ أَمْ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا فَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالدُّعَاءُ وَالتَّسْبِيحُ أَوْلَى مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَكَانَ السَّلَفُ يُسَبِّحُونَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، وَلَا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. يُفَضَّلُ بَعْضُ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَنَحْوِهَا، وَمَعْنَى الْأَفْضَلِيَّةِ أَنَّ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ كَثِيرٌ، وَقِيلَ بِأَنَّهُ لِلْقَلْبِ أَيْقَظُ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ وَبِهَذَا الْمَعْنَى يُقَالُ: إنَّ الْقُرْآنَ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُفَضَّلَ بَعْضُ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ أَصْلًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى أَحْسَنِ أَحْوَالِهِ يَلْبَسُ صَالِحَ ثِيَابِهِ وَيَتَعَمَّمُ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ؛ لِأَنَّ تَعْظِيمَ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ وَاجِبٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَإِنْ أَرَادَ افْتِتَاحَ أَمْرٍ لَا يَتَعَوَّذُ، وَإِنْ أَرَادَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ يَتَعَوَّذُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِيمَنْ أَرَادَ قِرَاءَةَ سُورَةٍ أَوْ قِرَاءَةَ آيَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَيُتْبِعَ ذَلِكَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَإِنْ اسْتَعَاذَ بِسُورَةِ الْأَنْفَالِ وَسَمَّى وَمَرَّ فِي قِرَاءَتِهِ إلَى سُورَةِ التَّوْبَةِ وَقَرَأَهَا كَفَاهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاسْتِعَاذَةِ وَالتَّسْمِيَةِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُخَالِفَ الَّذِينَ اتَّفَقُوا وَكَتَبُوا الْمَصَاحِفَ الَّتِي فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى خَتْمِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ فَقَطَعَ الْقِرَاءَةَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبْتَدِئَ سُورَةَ التَّوْبَةِ كَانَ كَإِرَادَتِهِ ابْتِدَاءَ قِرَاءَتِهِ مِنْ الْأَنْفَالِ فَيَسْتَعِيذُ وَيُسَمِّي، وَكَذَلِكَ سَائِرُ السُّوَرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ التَّعَوُّذِ كَيْفَ هُوَ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقُولَ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ حَتَّى يَكُونَ مُوَافِقًا لِلْقُرْآنِ، وَلَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ أَوْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ جَازَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّعَوُّذُ مَوْصُولًا بِالْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. وَلَا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مُعَدًّا لِلنَّجَاسَةِ، فَإِنْ كَانَ يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الْحَمَّامِ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ رَفَعَ صَوْتَهُ يُكْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَأَمَّا التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ رَفَعَ صَوْتَهُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ خَارِجَ الْحَمَّامِ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ غُسَالَةُ النَّاسِ نَحْوُ مَجْلِسِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ وَالثِّيَابِيِّ فَقَدْ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِيهِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: يُكْرَهُ، وَلَيْسَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. يُكْرَهُ أَنْ يُقْرَأَ الْقُرْآنُ فِي الْحَمَّامِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ النَّجَاسَاتِ، وَلَا يُقْرَأُ فِي بَيْتِ الْخَلَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَا يُقْرَأُ الْقُرْآنُ فِي الْمَخْرَجِ وَالْمُغْتَسَلِ وَالْحَمَّامِ إلَّا حَرْفًا حَرْفًا، وَقِيلَ: يُكْرَهُ ذَلِكَ أَيْضًا وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَتُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الطَّوَافِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. لَا يُقْرَأُ جَهْرًا عِنْدَ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْأَعْمَالِ وَمِنْ حُرْمَةِ الْقُرْآنِ أَنْ لَا يُقْرَأَ فِي الْأَسْوَاقِ، وَفِي مَوْضِعِ اللَّغْوِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. لَوْ قَرَأَ طَمَعًا فِي الدُّنْيَا فِي الْمَجَالِسِ يُكْرَهُ، وَإِنْ قَرَأَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُكْرَهُ، وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ إذَا اجْتَمَعُوا أَمَرُوا أَحَدَهُمْ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ مِنْ الْمَصَاحِفِ أَوْ يَقْرَأُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْ الْأَجِلَّةِ أَوْ الْأَشْرَافِ فَقَامَ الْقَارِئُ لِأَجَلِهِ قَالُوا: إنْ دَخَلَ عَالَمٌ أَوْ أَبُوهُ أَوْ أُسْتَاذُهُ الَّذِي عَلَّمَهُ الْعِلْمَ جَازَ لَهُ أَنْ يَقُومَ لِأَجَلِهِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إذَا وَضَعَ جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَضُمَّ رِجْلَيْهِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ مُضْطَجِعًا إذَا أَخْرَجَ رَأْسَهُ مِنْ اللِّحَافِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ كَاللُّبْسِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مِنْ الْأَسْبَاعِ جَائِزَةٌ وَالْقِرَاءَةُ مِنْ الْمُصْحَفِ أَحَبُّ؛ لِأَنَّ الْأَسْبَاعَ مُحْدَثَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْأَفْضَلُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ خَارِجَ الصَّلَاةِ الْجَهْرُ، وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ لِأَجَلِ الْمُهِمَّاتِ مُخَافَتَةً أَوْ جَهْرًا مَعَ الْجَمْعِ مَكْرُوهَةٌ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ أَنَّهَا لَا تُكْرَهُ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي الْإِمَامُ جَلَالُ الدِّينِ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ بَعْدَهَا سُنَّةٌ تُكْرَهُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. قِرَاءَةُ الْكَافِرُونَ إلَى الْآخِرِ مَعَ الْجَمْعِ مَكْرُوهَةٌ؛ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا عَنْ التَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَوْمٌ يَجْتَمِعُونَ وَيَقْرَءُونَ الْفَاتِحَةَ جَهْرًا دُعَاءً لَا يُمْنَعُونَ عَادَةً، وَالْأَوْلَى الْمُخَافَتَةُ فِي الْخُجَنْدِيِّ إمَامٌ يَعْتَادُ كُلَّ غَدَاةٍ مَعَ جَمَاعَتِهِ قِرَاءَةَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَآخِرِ الْبَقَرَةِ وَشَهِدَ اللَّهُ وَنَحْوِهَا جَهَرًا لَا بَأْسَ بِهِ وَالْأَفْضَلُ الْإِخْفَاءُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. فِي الْعُيُونِ الْجُنُبُ إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ عَلَى سَبِيلِ الدُّعَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ لَكِنْ قَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: لَا أُفْتِي بِهِ، وَإِنْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي مِثْلِ الْفَاتِحَةِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ. قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ أَوْلَى مِنْ الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ، إذَا حَفِظَ الْإِنْسَانُ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ، وَتَفْسِيرُ النِّسْيَانِ أَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْقِرَاءَةُ مِنْ الْمُصْحَفِ، قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مِنْ الْكُرَّاسَةِ الْمُودَعَةِ عِنْدَهُ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الْكُرَّاسَةُ الْمَغْصُوبَةُ لَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ مِنْهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَالْكُرَّاسَةُ الْمُسْتَعَارَةُ إنْ كَانَتْ لِلْبَالِغِ تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِلصَّبِيِّ فَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. رَجُلٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَرَجُلٌ آخَرُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ خَمْسَةَ آلَافِ مَرَّةٍ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ قَارِئًا فَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَفْضَلُ الْقِرَاءَةِ أَنْ يَتَدَبَّرَ فِي مَعْنَاهُ حَتَّى قِيلَ: يُكْرَهُ أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَخْتِمُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تَعْظِيمًا لَهُ، وَيُقْرَأُ بِقِرَاءَةٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَنُدِبَ لِحَافِظِ الْقُرْآنِ أَنْ يَخْتِمَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي كُلِّ يَوْمٍ حِزْبٌ وَثُلُثَا حِزْبٍ أَوْ أَقَلُّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى. مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي السَّنَةِ مَرَّةً لَا يَكُونُ هَاجِرًا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْخَتْمَةُ فِي الصَّيْفِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَفِي الشِّتَاءِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قِرَاءَةُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَقِيبَ الْخَتْمِ لَمْ يَسْتَحْسِنْهَا بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَاسْتَحْسَنَهَا أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ دَخَلَ فِي قِرَاءَةِ الْبَعْضِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ، وَلَا بَأْسَ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى قِرَاءَةِ الْإِخْلَاصِ جَهْرًا عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ، وَلَوْ قَرَأَ وَاحِدٌ وَاسْتَمَعَ الْبَاقُونَ فَهُوَ أَوْلَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ عِنْدَ الْخَتْمِ وَيَدْعُوَ لَهُمْ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. يُكْرَهُ لِلْقَوْمِ أَنْ يَقْرَءُوا الْقُرْآنَ جُمْلَةً لِتَضَمُّنِهَا تَرْكَ الِاسْتِمَاعِ وَالْإِنْصَاتِ الْمَأْمُورِ بِهِمَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالتَّرْجِيعِ قِيلَ: لَا تُكْرَهُ، وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ: تُكْرَهُ وَلَا تَحِلُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِفِعْلِ الْفَسَقَةِ حَالَ فِسْقِهِمْ، وَلَا يَظُنُّ أَحَدٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّرْجِيعِ الْمُخْتَلَفِ الْمَذْكُورِ اللَّحْنُ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ، فَإِذَا قَرَأَ بِالْأَلْحَانِ وَسَمِعَهُ إنْسَانٌ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ لَقَّنَهُ الصَّوَابَ لَا تَدْخُلُهُ الْوَحْشَةُ يُلَقِّنُهُ، وَإِنْ دَخَلَهُ الْوَحْشَةُ فَهُوَ فِي سَعَةٍ أَنْ لَا يُلَقِّنَهُ، فَإِنَّ كُلَّ أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ يَتَضَمَّنُ مُنْكَرًا يَسْقُطُ وُجُوبُهُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إنْ قَرَأَ بِالْأَلْحَانِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ إنْ غَيَّرَ الْكَلِمَةَ وَيَقِفُ فِي مَوْضِعِ الْوَصْلِ أَوْ يَصِلُ فِي مَوْضِعِ الْوَقْفِ يُكْرَهُ وَإِلَّا لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. يَجُوزُ لِلْمُحْتَرِفِ كَالْحَائِكِ وَالْإِسْكَافِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ إذَا لَمْ يَشْغَلْ عَمَلُهُ قَلْبَهُ عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ كَانَ الْقَارِئُ وَاحِدًا فِي الْمَكْتَبِ يَجِبُ عَلَى الْمَارِّينَ الِاسْتِمَاعُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ وَيَقَعُ الْخَلَلُ فِي الِاسْتِمَاعِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ. صَبِيٌّ يَقْرَأُ فِي الْبَيْتِ وَأَهْلُهُ مَشْغُولُونَ بِالْعَمَلِ يُعْذَرُونَ فِي تَرْكِ الِاسْتِمَاعِ إنْ افْتَتَحُوا الْعَمَلَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا قِرَاءَةُ الْفِقْهِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. مُدَرِّسٌ يُدَرِّسُ فِي الْمَسْجِدِ وَفِيهِ مُقْرِئٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِحَيْثُ لَوْ سَكَتَ عَنْ دَرْسِهِ يَسْمَعُ الْقُرْآنَ يُعْذَرُ فِي دَرْسِهِ، وَيُكْرَهُ الصَّعْقُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الرِّيَاءِ وَهُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَقَدْ شَدَّدَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَالسَّلَفُ الصَّالِحُونَ فِي الْمَنْعِ مِنْ الصَّعْقِ وَالزَّعْقِ وَالصِّيَاحِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الْمُحْدِثُ إذَا كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِتَقْلِيبِ الْأَوْرَاقِ بِقَلَمٍ أَوْ سِكِّينٍ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. (قَالَ إسْمَاعِيلُ الْمُتَكَلِّمُ) وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِلصَّبِيِّ: احْمِلْ هَذَا الْمُصْحَفَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلْمُتَفَقِّهِ أَهِيَ أَفْضَلُ أَمْ دَرْسُ الْفِقْهِ؟. قَالَ: حُكِيَ عَنْ أَبِي مُطِيعٍ أَنَّهُ قَالَ: النَّظَرُ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. يُكَرِّرُ مِنْ الْفِقْهِ وَغَيْرُهُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِمَاعُ قَالَ الْوَبَرِيُّ فِي الْمَسْجِدِ عِظَةٌ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، فَالِاسْتِمَاعُ إلَى الْعِظَةِ أَوْلَى كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ يَكْتُبُ الْفِقْهَ وَبِجَنْبِهِ رَجُلٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَلَا يُمْكِنُهُ اسْتِمَاعُ الْقُرْآنِ كَانَ الْإِثْمُ عَلَى الْقَارِئِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَاتِبِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَرَأَ عَلَى السَّطْحِ فِي اللَّيْلِ جَهْرًا يَأْثَمُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. يَقُولُ عِنْدَ تَمَامِ وِرْدِهِ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَوْ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ إعْلَامًا بِانْتِهَائِهِ يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَيُخَافُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ الرِّيَاءُ لَا يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ لِأَجَلِ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعْقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ، وَلِلْمَسْأَلَةِ عِبَارَتَانِ بِمَعْقِدٍ وَمَقْعَدٍ وَالْأُولَى مِنْ الْعَقْدِ وَالثَّانِيَةُ مِنْ الْقُعُودِ، وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَةِ الثَّانِيَةِ لِاسْتِحَالَتِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَا الْأُولَى، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلْكَ بِمَقْعَدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ، وَالْأَحْوَطُ الِامْتِنَاعُ لِكَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ فِيمَا يُخَالِفُ الْقَطْعِيَّ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ: بِحَقِّ فُلَانٍ، وَكَذَا بِحَقِّ أَنْبِيَائِكَ وَأَوْلِيَائِكَ أَوْ بِحَقِّ رُسُلِكَ أَوْ بِحَقِّ الْبَيْتِ أَوْ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَخْلُوقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ فِي الدُّعَاءِ: بِدَعْوَةِ نَبِيِّكَ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَالدُّعَاءُ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَالْمَأْثُورُ بِهِ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْأَفْضَلُ فِي الدُّعَاءِ أَنْ يَبْسُطَ كَفَّيْهِ وَيَكُونَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ، وَإِنْ قَلَّتْ، وَلَا يَضَعُ إحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ عُذْرٍ أَوْ بَرْدٍ شَدِيدٍ فَأَشَارَ بِالْمِسْبَحَةِ قَامَ مَقَامَ بَسْطِ كَفَّيْهِ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ عِنْدَ الدُّعَاءِ بِحِذَاءِ صَدْرِهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. مَسْحُ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ إذَا فَرَغَ مِنْ الدُّعَاءِ قِيلَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- اعْتَبَرُوا ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ وَرَدَ الْخَبَرُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. عَنْ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ: يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إلَيْهِ، وَلَكِنْ يَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ، قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الدُّعَاءُ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَكْرُوهٌ لَكِنَّ هَذَا شَيْءٌ لَا يُفْتَى بِهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. يَكْرَهُ الدُّعَاءُ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ بِجَمَاعَةٍ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. الْمُصَلِّي لَا يَدْعُو بِمَا يَحْضُرُهُ مِنْ الدُّعَاءِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ فِي صَلَاتِهِ بِدُعَاءٍ مَحْفُوظٍ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ حَالَةِ الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ بِمَا يَحْضُرُهُ، وَلَا يَسْتَظْهِرُ الدُّعَاءَ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الدُّعَاءِ يُذْهِبُ بِرِقَّةِ الْقَلْبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: بِاَللَّهِ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا لَا يَجِبُ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ الْفِعْلِ شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِي بِهِ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا قَالَ: بِحَقِّ اللَّهِ أَوْ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ، وَالْأَحْسَنُ بِالْمُرُوءَةِ أَنْ يُعْطِيَهُ، هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: الدُّعَاءُ أَرْبَعَةٌ: دُعَاءُ رَغْبَةٍ وَدُعَاءُ رَهْبَةٍ وَدُعَاءُ تَضَرُّعٍ وَدُعَاءُ خُفْيَةٍ، فِي دُعَاءِ الرَّغْبَةِ يَجْعَلُ بُطُونَ كَفَّيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَفِي دُعَاءِ الرَّهْبَةِ يَجْعَلُ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إلَى وَجْهِهِ كَالْمُسْتَغِيثِ مِنْ الشَّرِّ، وَفِي دُعَاءِ التَّضَرُّعِ يَعْقِدُ الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصِرَ وَيُحَلِّقُ الْإِبْهَامَ وَالْوُسْطَى وَيُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ، وَدُعَاءُ الْخُفْيَةِ مَا يَفْعَلُهُ الْمَرْءُ فِي نَفْسِهِ، كَذَا فِي مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى نَاقِلًا عَنْ شَرْحِ السَّرَخْسِيِّ. لِمُخْتَصَرِ الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ فِي بَابِ قِيَامِ الْفَرِيضَةِ. رَجُلٌ دَعَا بِدُعَاءٍ وَقَلْبُهُ سَاهٍ، فَإِنْ كَانَ دُعَاؤُهُ عَلَى الرِّقَّةِ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَدْعُوَ إلَّا وَهُوَ سَاهٍ فَالدُّعَاءُ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِ الدُّعَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا دَعَا بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ جَهْرًا وَمَعَهُ الْقَوْمُ أَيْضًا لِيَتَعَلَّمُوا الدُّعَاءَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِذَا تَعَلَّمُوا حِينَئِذٍ يَكُونُ جَهْرُ الْقَوْمِ بِدْعَةً، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا دَعَا الْمُذَكِّرُ عَلَى الْمِنْبَرِ دُعَاءً مَأْثُورًا وَالْقَوْمُ يَدْعُونَ مَعَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ لِتَعْلِيمِ الْقَوْمِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِتَعْلِيمِ الْقَوْمِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. التَّكْبِيرُ جَهْرًا فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا يُسَنَّ إلَّا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَاللُّصُوصِ، وَقَاسَ عَلَيْهِمَا بَعْضُهُمْ الْحَرِيقَ وَالْمَخَاوِفَ كُلَّهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ قَوْمٍ قَرَءُوا قِرَاءَةَ وِرْدٍ وَكَبَّرُوا بَعْدَ ذَلِكَ جَهْرًا؟. قَالَ: إنْ أَرَادُوا بِذَلِكَ الشُّكْرَ لَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ: وَإِذَا كَبَّرُوا بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى إثْرِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ، وَإِنَّهُ بِدْعَةٌ، وَإِذَا كَبَّرُوا فِي الرِّبَاطَاتِ لَا يُكْرَهُ إذَا أَرَادُوا بِهِ إظْهَارَ الْقُوَّةِ وَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ الْخَوْفِ، وَإِذَا كَبَّرُوا فِي مَسَاجِدِ الرِّبَاطَاتِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ مَخُوفًا يُكْرَهُ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَسَمِعْتُ شَيْخِي أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: سُئِلَ إبْرَاهِيمُ عَنْ تَكْبِيرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الْأَسْوَاقِ وَالْجَهْرِ بِهَا قَالَ: ذَلِكَ تَكْبِيرُ الْحَوْكَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: إنَّهُ يَجُوزُ، قَالَ الْفَقِيهُ: أَنَا لَا أَمْنَعُهُمْ عَنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ لِلْوَعْظِ إذَا أَرَادَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. الْوَاعِظُ إذَا سَأَلَ النَّاسَ شَيْئًا فِي الْمَجْلِسِ لِنَفْسِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اكْتِسَابُ الدُّنْيَا بِالْعِلْمِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْخُلَاصَةِ. رَفْعُ الصَّوْتِ عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَالْوَعْظِ مَكْرُوهٌ، وَمَا يَفْعَلُهُ الَّذِينَ يَدَّعُونَ الْوَجْدَ وَالْمَحَبَّةَ لَا أَصْلَ لَهُ، وَيُمْنَعُ الصُّوفِيَّةُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ وَتَخْرِيقِ الثِّيَابِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. الْكَافِرُ إذَا دَعَا هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالُ يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُ؟. ذَكَرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ: فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، بَعْضُهُمْ قَالُوا- مِنْهُمْ أَبُو الْحَسَنِ الرُّسْتُغْفَنِيُّ إنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا- مِنْهُمْ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَاكِمُ وَأَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ يَجُوزُ، قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْأَجْنَاسِ عَنْ الْإِمَامِ: لَيْسَ لِلْجِنِّ ثَوَابٌ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. كُرِهَ أَنْ يَقُومَ رَجُلٌ بَعْدَ مَا اجْتَمَعَ الْقَوْمُ لِلصَّلَاةِ وَيَدْعُوَ لِلْمَيِّتِ وَيَرْفَعَ صَوْتَهُ، وَكُرِهَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ الْإِفْرَاطِ فِي مَدْحِ الْمَيِّتِ عِنْدَ جِنَازَتِهِ، حَتَّى كَانُوا يَذْكُرُونَ مَا هُوَ يُشْبِهُ الْمُحَالَ، وَأَصْلُ الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ، وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَنْ الْمَيِّتِ وَدَعَا لَهُ يَجُوزُ وَيَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي آدَابِ الْمَسْجِدِ وَالْقِبْلَةِ وَالْمُصْحَفِ وَمَا كُتِبَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ نَحْوُ الدَّرَاهِمِ وَالْقِرْطَاسِ أَوْ كُتِبَ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى): وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَّا التَّجْصِيصُ فَحَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ إحْكَامٌ لِلْبِنَاءِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَكَرِهَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا النُّقُوشَ عَلَى الْمِحْرَابِ وَحَائِطِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَشْغَلُ قَلْبَ الْمُصَلِّي، وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ نَقْشَ الْحِيطَانِ مَكْرُوهٌ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ، فَأَمَّا نَقْشُ السَّقْفِ فَالْقَلِيلُ يُرَخِّصُ فِيهِ وَالْكَثِيرُ مَكْرُوهٌ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا جَعَلَ الْبَيَاضَ فَوْقَ السَّوَادِ أَوْ بِالْعَكْسِ لِلنَّقْشِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا فَعَلَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَا يُسْتَحْسَنُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُطَيَّنَ الْمَسْجِدُ بِطِينٍ قَدْ بُلَّ بِمَاءٍ نَجِسٍ، بِخِلَافِ السِّرْقِينِ إذَا جُعِلَ فِيهِ الطِّينُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرُورَةً وَهُوَ تَحْصِيلُ غَرَضٍ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَا بَأْسَ بِجَعْلِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي سَقْفِ الدَّارِ وَأَنْ يَنْقُشَ الْمَسْجِدَ بِمَاءِ الْفِضَّةِ مِنْ مَالِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَيُكْرَهُ مَدُّ الرِّجْلَيْنِ إلَى الْكَعْبَةِ فِي النَّوْمِ وَغَيْرِهِ عَمْدًا، وَكَذَلِكَ إلَى كُتُبِ الشَّرِيعَةِ، وَكَذَلِكَ فِي حَالِ مُوَاقَعَةِ الْأَهْلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. يُكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى الْمُتَوَضَّأِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى الْمَخْرَجِ وَالْحَمَّامِ وَالْقَبْرِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ فِي مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى الْحَمَّامِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يُرِدْ بِهِ حَائِطَ الْحَمَّامِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْمَحَمَّ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُصَبُّ فِيهِ الْحَمِيمُ وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ الْأَنْجَاسِ وَاسْتِقْبَالُ الْأَنْجَاسِ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ، فَأَمَّا إنْ اسْتَقْبَلَ حَائِطَ الْحَمَّامِ فَلَمْ يَسْتَقْبِلْ الْأَنْجَاسَ، وَإِنَّمَا اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ وَالْمَدَرَ فَلَا يُكْرَهُ، وَكَذَلِكَ تَكَلَّمُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى الْمَخْرَجِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِهِ نَفْسَ الْمَخْرَجِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِهِ حَائِطَ الْمَخْرَجِ، وَتَكَلَّمُوا أَيْضًا فِي مَعْنَى الْكَرَاهَةِ إلَى الْقَبْرِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِالْيَهُودِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ فِي الْمَقْبَرَةِ عِظَامَ الْمَوْتَى وَعِظَامُ الْمَوْتَى أَنْجَاسٌ وَأَرْجَاسٌ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ حَائِطٌ أَوْ سُتْرَةٌ، أَمَّا إذَا كَانَ لَا يُكْرَهُ وَيَصِيرُ الْحَائِطُ فَاصِلًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ سُتْرَةٌ فَإِنَّمَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَاتِ، فَأَمَّا فِي مَسْجِدِ الْبُيُوتِ فَلَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. كَرِهَ مَشَايِخُنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- اسْتِقْبَالَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بِالْفَرْجِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُكْرَهُ الرَّمْيُ إلَى هَدَفٍ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ فِي مُصَلَّى الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ هَدَفٌ لِلرَّمْيِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. مَنْدُوبٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُعِدَّ فِي بَيْتِهِ مَكَانًا يُصَلِّي فِيهِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْمَكَانَ لَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْمَسْجِدِ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: إذَا غَصَبَ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ حَانُوتًا فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَالدُّخُولِ فِي الْحَمَّامِ لِلِاغْتِسَالِ وَفِي الْحَانُوتِ لِلشِّرَاءِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا، وَإِنْ غَصَبَ دَارًا فَجَعَلَهَا مَسْجِدًا لَا يَسَعُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَلَا أَنْ يَدْخُلَهُ، وَإِنْ جَعَلَهَا مَسْجِدًا جَامِعًا لَا يُجْمَعُ فِيهِ، وَإِنْ جَعَلَهَا طَرِيقًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمُرَّ بِهَا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. رَجُلٌ بَنَى مَسْجِدًا فِي مَفَازَةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْكُنُهَا أَحَدٌ وَقَلَّ مَا يَمُرُّ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَصِرْ مَسْجِدًا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى صَيْرُورَتِهِ مَسْجِدًا، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَلَوْ كَانَ إلَى الْمَسْجِدِ مَدْخَلٌ مِنْ دَارِ مَوْقُوفَةٍ لَا بَأْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَدْخُلَ لِلصَّلَاةِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَسْكُنَ فِي بَيْتٍ هُوَ وَقْفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. دَارٌ لِمُدَرِّسِ الْمَسْجِدِ مَمْلُوكَةٌ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِحَائِطِ الْمَسْجِدِ هَلْ لَهُ أَنْ يَنْقُبَ حَائِطَ الْمَسْجِدِ وَيَجْعَلَ مِنْ بَيْتِهِ بَابًا إلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَشْتَرِي هَذَا الْبَابَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ؟. فَقَالُوا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ ضَمَانَ نُقْصَانِ ظَهْرٍ فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. يَجُوزُ الدَّرْسُ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِعْمَالُ اللُّبُودِ وَالْبَوَارِي الْمُسَبَّلَةِ لِأَجَلِ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَسُئِلَ الْخُجَنْدِيُّ عَنْ قَيِّمِ الْمَسْجِدِ يُبِيحُ فِنَاءَ الْمَسْجِدِ لِيَتَّجِرَ الْقَوْمُ هَلْ لَهُ هَذِهِ الْإِبَاحَةُ؟. فَقَالَ: إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قِيلَ: لَهُ لَوْ وَضَعَ فِي الْفِنَاءِ سُرُرًا فَآجَرَهَا النَّاسَ لِيَتَّجِرُوا عَلَيْهَا وَأَبَاحَ لَهُمْ فِنَاءَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَوْ كَانَ لِصَلَاحِ الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَمَرًّا لِلْعَامَّةِ، وَسُئِلَ عَنْ فِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْ جِدَارِهِ أَمْ هُوَ سُدَّةُ بَابِهِ فَحَسْبُ؟. فَقَالَ: فِنَاءُ الْمَسْجِدِ مَا يُظِلُّهُ ظُلَّةُ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَمَرًّا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، قِيلَ لَهُ: لَوْ وَضَعَ الْقَيِّمُ عَلَى فِنَاءِ الْمَسْجِدِ كَرَاسِيَّ وَسُرُرًا وَآجَرَهَا قَوْمًا لِيَتَّجِرُوا عَلَيْهَا وَيَصْرِفَ ذَلِكَ إلَى وَجْهِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى الْإِمَامِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا. قَالَ: رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَعِنْدَنَا لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْأَجْرَ إلَى مَنْ شَاءَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. وَفِي صَلَاةِ الْأَثَرِ قَالَ: سَأَلَتْ مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ دُكَّانٍ اُتُّخِذَ لِلْمَسْجِدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ طَرِيقٌ وَهُوَ نَاءٍ عَنْ الْمَسْجِدِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْحَرِّ أَيُضَاعَفُ لِلصَّلَاةِ فِيهِ الْأَجْرُ كَمَا يُضَاعَفُ فِي الْمَسْجِدِ؟. قَالَ: نَعَمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. أَهْلُ مَحَلَّةٍ قَسَمُوا الْمَسْجِدَ وَضَرَبُوا فِيهِ حَائِطًا وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ إمَامٌ عَلَى حِدَةٍ وَمُؤَذِّنُهُمْ وَاحِدٌ لَا بَأْسَ بِهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ مُؤَذِّنٌ، قَالَ رُكْنُ الصَّبَّاغِيُّ كَمَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَجْعَلُوا الْمَسْجِدَ الْوَاحِدَ مَسْجِدَيْنِ فَلَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا الْمَسْجِدَيْنِ وَاحِدًا لِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ، أَمَّا لِلتَّذْكِيرِ وَالتَّدْرِيسِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ مَا بُنِيَ لَهُ وَإِنْ جَازَ فِيهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. سُئِلَ بُرْهَانُ الدِّينِ عَنْ حَانُوتٍ مَوْقُوفٍ عَلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ غَابَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَخَلَّفَ خَلِيفَةً يَؤُمُّهُمْ، ثُمَّ حَضَرَ فَأُجْرَةُ الْحَانُوتِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي غَابَ يَجُوزُ أَخْذُهَا لَهُ أَمْ لَا؟. قَالَ (7 شايد جون وي باكس وى بامروي بغله داده باشد وَلْيَكُنْ سَبِيل وي تَصَدَّقَ بود). كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى آهُو. سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ الْمُعْتَكِفِ إذَا احْتَاجَ إلَى الْفَصْدِ أَوْ الْحِجَامَةِ هَلْ يَخْرُجُ فَقَالَ: لَا، وَفِي اللَّآلِئِ وَاخْتُلِفَ فِي الَّذِي يَفْسُو فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمْ يَرَ بَعْضُهُمْ بَأْسًا، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يَفْسُو وَيَخْرُجُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَا بَأْسَ لِلْمُحْدِثِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَيُكْرَهُ النَّوْمُ وَالْأَكْلُ فِيهِ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ فَيَدْخُلَ فِيهِ وَيَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَدْرِ مَا نَوَى أَوْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَفْعَلَ مَا شَاءَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَلَا بَأْسَ لِلْغَرِيبِ وَلِصَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَتَوَرَّعَ فَلَا يَنَامُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَلَا بَأْسَ بِمَسْحِ الرِّجْلِ بِالْحَشِيشِ الْمُجْتَمِعِ فِي الْمَسْجِدِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّلَاةِ مَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا مِنْ وَضْعِ الْبَوَارِي فِي الْمَسْجِدِ وَمِسْحِ الْأَقْدَامِ عَلَيْهَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَاخِلُ الْمِحْرَابِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ عُشُّ خُطَّافٍ أَوْ خُفَّاشٍ يُقْذِرُ الْمَسْجِدَ لَا بَأْسَ بِرَمْيِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْفِرَاخِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ، وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ لَا يَتَّخِذُ طَرِيقًا فِي الْمَسْجِدِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ بَابَانِ فَيَدْخُلَ مِنْ هَذَا وَيَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ مُتَنَعِّلًا مَكْرُوهٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. لَا حُرْمَةَ لِتُرَابِ الْمَسْجِدِ إذَا جُمِعَ، وَلَهُ حُرْمَةٌ إذَا بُسِطَ. أَصَابَهُ الْبَرْدُ الشَّدِيدُ فِي الطَّرِيقِ فَدَخَلَ مَسْجِدًا فِيهِ خَشَبُ الْغَيْرِ، وَلَوْ لَمْ يُوقِدْ نَارًا يَهْلِكُ فَخَشَبُ الْمَسْجِدِ فِي الْإِيقَادِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ. يَجُوزُ إدْخَالُ الْحُبُوبِ وَأَثَاثِ الْبَيْتِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْخَوْفِ فِي الْفِتْنَةِ الْعَامَّةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ يَبِيعُ التَّعْوِيذَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَيَكْتُبُ فِي التَّعْوِيذِ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالْفُرْقَانَ وَيَأْخُذُ عَلَيْهِ الْمَالَ وَيَقُولُ: ادْفَعْ إلَيَّ الْهَدِيَّةَ. لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَيُكْرَهُ كُلُّ عَمَلٍ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا فِي الْمَسْجِدِ، وَلَوْ جَلَسَ الْمُعَلِّمُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْوَرَّاقُ يَكْتُبُ، فَإِنْ كَانَ الْمُعَلِّمُ يُعَلِّمُ لِلْحِسْبَةِ وَالْوَرَّاقُ يَكْتُبُ لِنَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ، وَإِنْ كَانَ بِالْأُجْرَةِ يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَقَعَ لَهُمَا الضَّرُورَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. مُبَاشَرَةُ عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الْمَسَاجِدِ مُسْتَحَبٌّ وَاخْتِيَارُ ظَهِيرِ الدِّينِ خِلَافُ هَذَا، وَلَا يَدْخُلُ الَّذِي عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ الْمَسْجِدَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِلْمُرُورِ فَلَمَّا تَوَسَّطَهُ نَدِمَ، قِيلَ: يَخْرُجُ مِنْ بَابٍ غَيْرِ الَّذِي قَصَدَهُ، وَقِيلَ يُصَلِّي، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ فِي الْخُرُوجِ. قَالَ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيُّ إنْ كَانَ مُحْدِثًا يَخْرُجُ مِنْ حَيْثُ دَخَلَ إعْلَامًا لِمَا جَنَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. غَرْسُ الشَّجَرِ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ لِنَفْعِ النَّاسِ بِظِلِّهِ، وَلَا يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ، وَلَا يُفَرِّقُ الصُّفُوفَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لِنَفْعِ نَفْسِهِ بِوَرَقِهِ أَوْ ثَمَرِهِ أَوْ يُفَرِّقُ الصُّفُوفَ أَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقَعُ بِهِ الْمُشَابَهَةُ بَيْنَ الْبِيعَةِ وَالْمَسْجِدِ يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ الْجَوَامِعُ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الْمَحَالِّ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الشَّوَارِعِ فَإِنَّهَا أَخَفُّ رُتْبَةً حَتَّى لَا يَعْتَكِفَ فِيهَا أَحَدٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إمَامٌ مَعْلُومٌ وَمُؤَذِّنٌ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الْبُيُوتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ فِيهَا إلَّا لِلنِّسَاءِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. ذَكَرَ الْفَقِيهُ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي التَّنْبِيهِ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوَّلُهَا أَنْ يُسَلِّمَ وَقْتَ الدُّخُولِ إذَا كَانَ الْقَوْمُ جُلُوسًا غَيْرَ مَشْغُولِينَ بِدَرْسٍ وَلَا بِذِكْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَدٌ أَوْ كَانُوا فِي الصَّلَاةِ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا، وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. وَالثَّانِي أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ. وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَلَا يَبِيعَ. وَالرَّابِعُ أَنْ لَا يَسُلَّ السَّيْفَ. وَالْخَامِسُ أَنْ لَا يَطْلُبَ الضَّالَّةَ فِيهِ. وَالسَّادِسُ أَنْ لَا يَرْفَعَ فِيهِ الصَّوْتَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالسَّابِعُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِيهِ مِنْ أَحَادِيثِ الدُّنْيَا. وَالثَّامِنُ أَنْ لَا يُخَطِّي رِقَابَ النَّاسِ. وَالتَّاسِعُ أَنْ لَا يُنَازِعَ فِي الْمَكَانِ. وَالْعَاشِرُ أَنْ لَا يُضَيِّقَ عَلَى أَحَدٍ فِي الصَّفِّ. وَالْحَادِيَ عَشَرَ أَنْ لَا يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي. وَالثَّانِي عَشَرَ أَنْ لَا يَبْزُقَ فِيهِ. وَالثَّالِثَ عَشَرَ أَنْ لَا يُفَرْقِعَ أَصَابِعَهُ فِيهِ. وَالرَّابِعَ عَشَرَ أَنْ يُنَزِّهَهُ عَنْ النَّجَاسَاتِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ. وَالْخَامِسَ عَشَرَ أَنْ يُكْثِرَ فِيهِ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْحَدِيثِ لَا يُبَاحُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَا بُنِيَ لِأُمُورِ الدُّنْيَا، وَفِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ الْمُبَاحَ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ. قَالَ: وَلَا يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ الدُّنْيَا، وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ الْكَلَامُ الْمُبَاحُ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا يَجُوزُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَشْتَغِلَ بِذَكَرِ اللَّهِ تَعَالَى- كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَإِذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ كَانَ لَلْمُصَلِّي أَنْ يُزْعِجَ الْقَاعِدَ عَنْ مَوْضِعِهِ لِيُصَلِّيَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالذِّكْرِ أَوْ الدَّرْسِ أَوْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ الِاعْتِكَافِ، وَكَذَا لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَمْنَعُوا مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ إذَا ضَاقَ بِهِمْ الْمَسْجِدُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. الصُّعُودُ عَلَى سَطْحِ كُلِّ مَسْجِدٍ مَكْرُوهٌ، وَلِهَذَا إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ يُكْرَهُ أَنْ يُصَلُّوا بِالْجَمَاعَةِ فَوْقَهُ إلَّا إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ فَحِينَئِذٍ لَا يُكْرَهُ الصُّعُودُ عَلَى سَطْحِهِ لِلضَّرُورَةِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَأَمَّا بِنَاءُ مَنَارَةِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ بِنَاؤُهَا مَصْلَحَةً لِلْمَسْجِدِ بِأَنْ يَكُونَ أَسْمَعَ لِلْقَوْمِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَصْلَحَةً لَا يَجُوزُ بِأَنْ يَسْمَعَ كُلُّ أَهْلِ الْمَسْجِدِ الْأَذَانَ بِغَيْرِ مَنَارَتِهِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ. وَلَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ شِرَاءُ الْمُصَلَّيَاتِ لِتَعْلِيقِهَا بِالْأَسَاطِينِ وَيَجُوزُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَلَكِنْ لَا تُعَلَّقُ بِالْأَسَاطِينِ، وَلَا يَجُوزُ إعَارَتُهَا لِمَسْجِدٍ آخَرَ. (قُلْتُ:) هَذَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ حَالُ الْوَاقِفِ أَمَّا إذَا أَمَرَ بِتَعْلِيقِهَا وَأَمَرَ بِالدَّرْسِ فِيهِ وَبَنَاهُ لِلدَّرْسِ وَعَايَنَ الْعَادَةَ الْجَارِيَةَ فِي تَعْلِيقِهَا بِالْأَسَاطِينِ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي يُدَرَّسُ فِيهَا فَلَا بَأْسَ بِشِرَائِهَا بِمَالِ الْوَقْفِ فِي مَصْلَحَتِهِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا، وَلَا يَضْمَنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُدَرَّسَ الْكِتَابُ بِسِرَاجِ الْمَسْجِدِ. وَالْجَوَابُ فِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَوْضُوعًا لِلصَّلَاةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ وُضِعَ لَا لِلصَّلَاةِ بِأَنْ فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاةِ وَذَهَبُوا، فَإِنْ أَخَّرَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أَخَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ. رَفَعَ الْمُتَعَلِّمُ مِنْ كُولَانِ الْمَسْجِدِ وَوَضَعَهُ فِي كِتَابِهِ عَلَامَةً فَهُوَ عَفْوٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا فِي كَاغِدَةٍ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى كَانَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا أَوْ بَاطِنِهَا، بِخِلَافِ الْكِيسِ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَإِذَا كُتِبَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كَاغَدٍ وَوُضِعَ تَحْتَ طَنْفَسَةٍ يَجْلِسُونَ عَلَيْهَا فَقَدْ قِيلَ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: لَا يُكْرَهُ، وَقَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ فِي الْبَيْتِ لَا بَأْسَ بِالنَّوْمِ عَلَى سَطْحِهِ كَذَا هَاهُنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا يَجُوزُ لَفُّ شَيْءٍ فِي كَاغَدٍ فِيهِ مَكْتُوبٌ مِنْ الْفِقْهِ، وَفِي الْكَلَامِ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُفْعَلَ، وَفِي كُتُبِ الطِّبِّ يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ اسْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَيَجُوزُ مَحْوُهُ لِيُلَفَّ فِيهِ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ مَحَا لَوْحًا كُتِبَ فِيهِ الْقُرْآنُ وَاسْتَعْمَلَهُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا يَجُوزُ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ مَحْوِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْبُزَاقِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. وَمَحْوُ بَعْضِ الْكِتَابَةِ بِالرِّيقِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. سُئِلَ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الْكَوَاغِدِ مِنْ الْأَخْبَارِ وَمِنْ التَّعْلِيقَاتِ يَسْتَعْمِلُهَا الْوَرَّاقُونَ فِي الْغِلَافِ فَقَالَ: إنْ كَانَ فِي الْمُصْحَفِ أَوْ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ أَوْ فِي التَّفْسِيرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي كُتُبِ الْأَدَبِ وَالنُّجُومِ يُكْرَهُ لَهُمْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. حَكَى الْحَاكِمُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ اسْتِعْمَالَ الْكَوَاغِدِ فِي وَلِيمَةٍ لِيُمْسَحَ بِهَا الْأَصَابِعُ، وَكَانَ يُشَدِّدُ فِيهِ وَيَزْجُرُ عَنْهُ زَجْرًا بَلِيغًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مُتَعَلِّمٌ مَعَهُ خَرِيطَةٌ فِيهَا كُتُبٌ مِنْ أَخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَوْ كُتُبُ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَوْ غَيْرُهُ فَتَوَسَّدَ بِالْخَرِيطَةِ إنْ قَصَدَ الْحِفْظَ لَا يُكْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْحِفْظَ يُكْرَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. التَّوَسُّدُ بِالْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ الْأَخْبَارُ لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى نِيَّةِ الْحِفْظِ لَهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَضْعُ الْمُصْحَفِ تَحْتَ رَأْسِهِ فِي السَّفَرِ لِلْحِفْظِ لَا بَأْسَ بِهِ وَبِغَيْرِ الْحِفْظِ يُكْرَهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. يَجُوزُ قُرْبَانُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتٍ فِيهِ مُصْحَفٌ مَسْتُورٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَجُلٌ أَمْسَكَ الْمُصْحَفَ فِي بَيْتِهِ، وَلَا يَقْرَأُ قَالُوا: إنْ نَوَى بِهِ الْخَيْرَ وَالْبَرَكَةَ لَا يَأْثَمُ بَلْ يُرْجَى لَهُ الثَّوَابُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا حَمَلَ الْمُصْحَفَ أَوْ شَيْئًا مِنْ كُتُبِ الشَّرِيعَةِ عَلَى دَابَّةٍ فِي جُوَالِقَ وَرَكِبَ صَاحِبُ الْجُوَالِقِ عَلَى الْجُوَالِقِ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَدُّ الرِّجْلَيْنِ إلَى جَانِبِ الْمُصْحَفَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِحِذَائِهِ لَا يُكْرَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُصْحَفُ مُعَلَّقًا فِي الْوَتَدِ وَهُوَ قَدْ مَدَّ الرِّجْلَ إلَى ذَلِكَ الْجَانِبِ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ جُوَالِقُ، وَفِيهَا دَرَاهِمُ مَكْتُوبٌ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ، أَوْ كَانَ فِي الْجُوَالِقِ كُتُبُ الْفِقْهِ أَوْ كُتُبُ التَّفْسِيرِ أَوْ الْمُصْحَفُ فَجَلَسَ عَلَيْهَا أَوْ نَامَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ قَصْدِهِ الْحِفْظُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. رَجُلٌ وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى الْمُصْحَفِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْفَافِ يَكْفُرُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. لَا بَأْسَ بِكِتَابَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ صَاحِبِهِ الْعَلَامَةُ لَا التَّهَاوُنُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَلَوْ كَتَبَ عَلَى خَاتَمِهِ اسْمَهُ أَوْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مَا بَدَا لَهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى نَحْوَ قَوْلِهِ: حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، أَوْ رَبِّي اللَّهُ، أَوْ نِعْمَ الْقَادِرُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا يَكُونُ عَلَى الطَّهَارَةِ أَنْ يَأْخُذَ فُلُوسًا عَلَيْهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ مَعَ الرَّجُلِ فِي خِرْقَةٍ دِرْهَمٌ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى. سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَمَّنْ كَانَ فِي كُمِّهِ كِتَابٌ فَجَلَسَ لِلْبَوْلِ أَيُكْرَهُ ذَلِكَ؟. قَالَ: إنْ كَانَ أَدْخَلَهُ مَعَ نَفْسِهِ الْمَخْرَجَ يُكْرَهُ، وَإِنْ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ مَبَالًا طَاهِرًا فِي مَكَان طَاهِرٍ لَا يُكْرَهُ، وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ فِي جَيْبِهِ دَرَاهِمُ مَكْتُوبٌ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ فَأَدْخَلَهَا مَعَ نَفْسِهِ الْمَخْرَجَ يُكْرَهُ، وَإِنْ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ مَبَالًا طَاهِرًا فِي مَكَان طَاهِرٍ لَا يُكْرَهُ، وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ خَاتَمٌ وَعَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ مَكْتُوبٌ أَوْ كُتِبَ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى فَدَخَلَ الْمَخْرَجَ مَعَهُ يُكْرَهُ، وَإِنْ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ مَبَالًا طَاهِرًا فِي مَكَان طَاهِرٍ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كُتِبَ الْقُرْآنُ عَلَى الْحِيطَانِ وَالْجُدَرَانِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: يُرْجَى أَنْ يَجُوزَ، وَبَعْضُهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ مَخَافَةَ السُّقُوطِ تَحْتَ أَقْدَامِ النَّاسِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. كِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَى مَا يُفْتَرَشُ وَيُبْسَطُ مَكْرُوهَةٌ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. بِسَاطٌ أَوْ مُصَلَّى كُتِبَ عَلَيْهِ الْمُلْكُ لِلَّهِ يُكْرَهُ بَسْطُهُ وَالْقُعُودُ عَلَيْهِ وَاسْتِعْمَالُهُ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ قِطْعَةُ بَيَاضٍ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَامَةً فِيمَا بَيْنَ الْأَوْرَاقِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِابْتِذَالِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ قُطِعَ الْحَرْفُ مِنْ الْحَرْفِ أَوْ خِيطَ عَلَى بَعْضِ الْحُرُوفِ فِي الْبِسَاطِ أَوْ الْمُصَلَّى حَتَّى لَمْ تَبْقَ الْكَلِمَةُ مُتَّصِلَةً لَمْ تَسْقُطْ الْكَرَاهَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِمَا الْمُلْكُ لَا غَيْرُ، وَكَذَلِكَ الْأَلِفُ وَحْدَهَا وَاللَّامُ وَحْدَهَا، كَذَا فِي الْكُبْرَى. إذَا كُتِبَ اسْمُ فِرْعَوْنَ أَوْ كُتِبَ أَبُو جَهْلٍ عَلَى غَرَضٍ يُكْرَهُ أَنْ يَرْمُوا إلَيْهِ؛ لِأَنَّ لِتِلْكَ الْحُرُوفِ حُرْمَةً، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُصَغَّرَ الْمُصْحَفُ وَأَنْ يَكْتُبَهُ بِقَلَمٍ دَقِيقٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ الْحَسَنُ وَبِهِ نَأْخُذُ، قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَعَلَّهُ أَرَادَ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ لَا الْإِثْمَ، وَيَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ كِتَابَةَ الْقُرْآنِ أَنْ يَكْتُبَهُ بِأَحْسَنِ خَطٍّ وَأَبْيَنِهِ عَلَى أَحْسَنِ وَرَقَةٍ وَأَبْيَضِ قِرْطَاسٍ بِأَفْخَمِ قَلَمٍ وَأَبْرَقِ مِدَادٍ، وَيُفَرِّجَ السُّطُورَ وَيُفَخِّمَ الْحُرُوفَ وَيَضُمَّ الْمُصْحَفَ وَيُجَرِّدَهُ عَمَّا سِوَاهُ مِنْ التَّعَاشِيرِ، وَذِكْرُ الْآيِ وَعَلَامَاتِ الْوَقْفِ صَوْنًا لِنَظْمِ الْكَلِمَاتِ كَمَا هُوَ مُصْحَفُ الْإِمَامِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَالتَّعْشِيرُ هُوَ التَّعْلِيمُ عَلَى كُلِّ عَشْرِ آيَاتٍ، وَهُوَ الْفَصْلُ بَيْنَ كُلِّ عَشْرِ آيَاتٍ وَعَشْرِ آيَاتٍ بِعَلَامَةٍ، يُقَالُ: فِي الْقُرْآنِ سِتُّمِائَةِ عَاشِرَةٍ وَثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ عَاشِرَةٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَا بَأْسَ بِكِتَابَةِ أَسَامِي السُّوَرِ وَعَدَدِ الْآيِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ إحْدَاثًا فَهُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ، وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ كَانَ إحْدَاثًا وَهُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ، وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ يَقُولُ لَا بَأْسَ أَنْ يُكْتَبَ مِنْ تَرَاجِمِ السُّوَرِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَمَا يَكْتُبُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَوَائِلِهَا لِلْفَصْلِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. لَا بَأْسَ بِأَنْ يَجْعَلَ الْمُصْحَفَ مَذْهَبًا أَوْ مُفَضَّضًا أَوْ مُضَبَّبًا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ يُكْرَهُ جَمِيعُ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: أُعَلِّمُ النَّصْرَانِيَّ الْفِقْهَ وَالْقُرْآنَ لَعَلَّهُ يَهْتَدِي، وَلَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ، وَإِنْ اغْتَسَلَ ثُمَّ مَسَّ لَا بَأْسَ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. الْمُصْحَفُ إذَا صَارَ خَلِقًا لَا يُقْرَأُ مِنْهُ وَيُخَافُ أَنْ يَضِيعَ يُجْعَلُ فِي خِرْقَةٍ طَاهِرَةٍ وَيُدْفَنُ، وَدَفْنُهُ أَوْلَى مِنْ وَضْعِهِ مَوْضِعًا يُخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَيُلْحَدُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شُقَّ وَدُفِنَ يَحْتَاجُ إلَى إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ، وَفِي ذَلِكَ نَوْعُ تَحْقِيرٍ إلَّا إذَا جُعِلَ فَوْقَهُ سَقْفٌ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ التُّرَابُ إلَيْهِ فَهُوَ حَسَنٌ أَيْضًا، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. الْمُصْحَفُ إذَا صَارَ خَلَقًا وَتَعَذَّرَتْ الْقِرَاءَةُ مِنْهُ لَا يُحْرَقُ بِالنَّارِ، أَشَارَ الشَّيْبَانِيُّ إلَى هَذَا فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا يَجُوزُ فِي الْمُصْحَفِ الْخَلِقِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ لِلْقِرَاءَةِ أَنْ يُجَلَّدَ بِهِ الْقُرْآنُ. اللُّغَةُ وَالنَّحْوُ نَوْعٌ وَاحِدٌ فَيُوضَعُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَالتَّعْبِيرُ فَوْقَهُمَا وَالْكَلَامُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَالْفِقْهُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَالْأَخْبَارُ وَالْمَوَاعِظُ وَالدَّعَوَاتُ الْمَرْوِيَّةُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَالتَّفْسِيرُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَالتَّفْسِيرُ الَّذِي فِيهِ آيَاتٌ مَكْتُوبَةٌ فَوْقَ كُتُبِ الْقُرَّاءِ. حَانُوتٌ أَوْ تَابُوتٌ فِيهِ كُتُبٌ فَالْأَدَبُ أَنْ لَا يَضَعَ الثِّيَابَ فَوْقَهُ، وَيَجُوزُ رَمْيُ بُرَايَةِ الْقَلَمِ الْجَدِيدِ، وَلَا تُرْمَى بُرَايَةُ الْمُسْتَعْمَلِ لِاحْتِرَامِهِ، كَحَشِيشِ الْمَسْجِدِ وَكُنَاسَتِهِ لَا يُلْقَى فِي مَوْضِعٍ يَخِلُّ بِالتَّعْظِيمِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ كَرِهَ الْجِوَارَ بِمَكَّةَ وَالْمُقَامَ بِهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
|